المعطف
قصة مترجمة عن الأنجلزية من اعداد فاطمة الحسامي
يشغل السيد بيكسبي وزوجته شقة صغيرة في مدينة نيويورك ‘ انه طبيب أسنان يكسب ما يكفيه من الدخل والسيدة بيكسبي نشيطة واجتماعية .
من بعد ظهيرة يوم الجمعة من كل شهر وكالمعتاد تأخذ السيدةبيكسبي القطار من محطة بنسلفانيا لتذهب الى بالتيمور لزيارة عمتها العزيزة تقضي عندها الليلة لتعود الى نيويورك في اليوم التالي لتحضر العشاء لزوجها ووافق السيدبيكسبي على ترتيباتها هذه باستحسان لَمّا يوافقه . يعرف جيدا عمتها مود انها تعيش في تايمور وزوجته مولعة بها وبالتأكيد سيكون الرفض غير معقولا حيث لا لقاءات ودية لكلتاهما … وبادرها السيد بيكسبي قائلا » لا تتوقعي حضوري على الاطلاق »
ــ » بالطبع ياعزيزي .. كل ما في الامر انها عمتي وليست عمتك » أجابته السيده بيكسبي » يبعدكم ‘ ويسعدكم ..! »
كانت زياراتها لعمتها مجرد مبرر مناسب للخروج والهدف الحقيقي لرحلاتها هذه زيارة رجل محترم معروف بأنه كولونيل وتقضي قسطا طويلا من وقتها بصحبته في بالتيمور .
كان الكولونيل ثريا ‘ ويعيش في بيت جميل بطرف البلدة عير متزوج ولا عائلة لديه عنده عدد من الخدم ويمتع نفسه بممارسة رياضة الصيد وركوب الخيل حين غياب السيدة بيكسبي . ودامت هذه الصداقة المحببة بينهما‘عام بعد عام ‘ دون أية مشكلة يتقابلان اثنى عشرة مرة في السنة ــ ليس في الحسبان الا ما ندر ــ انهم لا يدعون الملل يتخلل علاقتهما والعكس صحيح .. وكلما طال الانتظار مازادهما الا ولعا بالاخروبعد كل بعاد يصبح اللقاء أجمل ودام الحال على ما عليه مدة ثمان سنوات ..
قبل عيد الميلاد كانت السيدة بيكسبي تنتظر القطار عند محطة بالتيمور ليعيدها الى نيويورك ــ انها زيارة تختلف عن سابقاتها انتهت بأكثر مما اعتادا من تحبب . كانت السيده بيكسبي طالما تشعر بالسعادة اذ ان صحبة الكولونيل تجعلها مشرقة هذه الايام فللرجل ما يمكّنه من اعطائها ذلك انها سيده لها خصوصية في ذاته ..
وكم الحال مختلف عمّا هو عليه في البيت ! فطبيب الاسنان زوجها ــ لدّيه ما يجعلها تشعر بالالم المتواصل لاسنانها وكأنها تسكن في قاعة انتظار بين المجلات والصحف . صوت بجانبها قال : » طلب مني الكولونيل أن أعطيك هذه . » استدارت لترى ويلكنز ‘ احد الخدم عنده انه رجل ضئيل اعتلى الشيب رأسه ــ سلمها علبة كبيرة مسطحة بين ذراعييها .
ــ » ياللسماء ! » قالت بصوت مرتفع » ما هذه العلبة الكبيرة ! ماذا يوجد فيها يا ويلكينز ؟ هل يوجد رساله ؟ هل مرفقة برسالة ؟ »
ــ » لا من رسالة » قال الخادم مبتعدا ..
وحالما صعدت القطار … حملت السيدة بيكسبي الصندوق الى غرفة السيدات وأقفلت الباب . كم كان ذلك مبهجا ! هدية الميلاد من الكولونيل ! وبدأت تحل الخيط … سأراهن بأنها ثوب » قالت لنفسها وربما « اثنان » ويتوقع أن تكون مجموعة كاملة جميلة من الثياب الداخلية لن ألق نظره لارى ما في داخلها ‘ أود أن أتحسس ما حولها محاولة مني معرفة ما هي ــ وسأحاول معرفة حتى لونها وبالضبط شكلها ‘ وكم ثمنها أيضا .. » وأغمضت عيناها ورفعت غطاء الصندوق ببطء وضعت يدها فيه وكان يعتليه بعضا من الاوراق تشعر بها وتألف صوتها بالاضافة الى بطاقة وظرف وشيء من هذا القبيل ..
لا بأس من تجاهل ذلك وبدأت تتلمس ما تحتها لتصل اليه بتأن .. » ياالهي ! » ارتفع صوتها فجأة » هل يمكن أن يكون حقيقة ؟ »
حدقت بالمعطف ومسكته لترفعه من الصندوق وكان لمعطف الفرو صدىَ رائع عند اخراجه من الورق . عندما وضعته رأته كاملا رائعا للغاية وهنا تنفست الصعداء ..
لم ترقط فراء كهذا من قبل ــ انه فراء ثعلب ‘ اليس كذلك ؟ نعم بالطبع لكن ما أجمل هذا اللون ! كان الفراء أسوداّ نعم للوهلة الاولى ظنت أنه أسود ولكن عندما حملته قريبا من النافذة شاهدت مسحة من اللون الازرق تلامسه .. غني متعمق بالازرق ..
ما كلفته ياترى ؟ بالكاد تجرؤ التخمين . أربعة .خمسة .. ستة ألاف دولار ؟ ومن الممكن أن يكون أكثر ..
لم تمل النظر فيه وفي حال كهذا كم تستطيع من الانتظار حتى ترتديه ؟ خلعت بسرعة معطفها الاحمر كانت تتنفس بسرعة ‘ ولا تتمالك ذلك ‘ عيناها محدّقة فيه . لكن ياالهي ! ما مشاعر هذا الفراء عندما يلبسها ؟ انه خصيصا ِلها ‘ وكانت أغرب المشاعر تمتلكها نظرت في المراة كان رائعا وقد تغيرت كامل شخصيتها فجأة وبشكل كامل ــ بدت رائعة جميلة غنية مثيرة في ذات الوقت …ناهيك عن القوة التي اكسبها اياها فهي تستطيع الذهاب فيه الى كل مكان تريد والناس سيتقربون منها وحولها كالارانب وكله كان لمجرد الاطراء !
التقطت السيدة بيكسبي الظرف كان لا يزال ملقى في الصندوق وفتحته لتسحب رسالة الكولونيل : » سمعتك مرة تقولين انك تحبين الفراء لذا أخذته لك وقالوا لي انه من الانواع الجيدة ‘ إقبليه من فضلك مع تمنياتي واخلاصي كهدية الوداع وذلك لاسباب شخصية ليس بامكاني رؤويتك بعد الان ــ وداعا وحظا سعيدا … «
حسنا !
تخيّل ذلك ! حين شعورها بالسعادة
لن يرها الكولونيل بعد اليوم .. يالوقع هذه الكلمات !!
ستفتقده للغاية .
وببطء بدأت السيدة بيكسبي تداعب معطف الفرو الناعم الاسود .. قد ضاع شيئا منها لكن ربحت أخر ..
قولي لهم بأن عمتك اللطيفة الكريمة قد قدمته لك يوم الميلاد .. وفجأة اختفت الابتسامة من وجهه السيده بيكسبي . » إنه لرجل مجنون » ارتفع صوتها قائلا » ليس لعمتي مود مثل هذه النقود ليس بامكانها إعطائي هذا »
لكن إذا ما كان لعمتك أن تعطيه فمن إذا ؟ يا إلهي ! وفي لحظات بهجتها بالمعطف وارتدائه نست قطعيا هذه التفاصيل المهمة … »
ستكون في نيويورك خلال بضعة ساعات ‘ وبعدها بعشرة دقائق ستصل المنزل ليستقبلها زوجها ورجل كسيرل يحيّا في العالم المعتم لنخر الاسنان وتعبئتها ومعالجة جذورها بالطبع سيبدأ بطرح أسئلته حال عودتها الى البيت بعد قضاء عطلة نهاية الاسبوع ومرتدية معطف من الفراء الباهظ الثمن …
» هل تعلم بما أفكر ؟ » قالت لنفسها » اعتقد أن الكولونيل فعل ذلك هدفه تحويلي الى مجنونة » ــ انه يعلم جيدا أن عمتي مود ليس لديها من النقود لتبتاع لي معطف كهذا ويعلم أني لا أستطيع الحفاظ عليه . » هذا ما قالته لنفسها وان الفكرة التي تراودها الان عودتها الى البيت مرتديته اكبر من تتحملها! السيدة بيكسبي .ــ
» علّي الحفاظ على هذا المعطف » قالت بصوت مرتفع » علّي الحفاظ عليه ! علّي الحفاظ عليه ! » حسنا يا عزيزتي ـ ستحتفظي بالمعطف ـ لا تقلقي اجلسي مكانك واهدئي وعليك التفكير بالامر ــ انك انسانه ذكيه أليس كذلك ؟ لقد لقد خدعته من قبل وليس بمقدور الرجل أن يرى أبعد من نهاية أدوات عمله لذا اجلسي مكانك وفكري ملّيا عندك ما يكفيك من الوقت …
بعد ساعتين ونصف نزلت السيدة بيكسبي من القطار في محطة بنسلفانيا ومشت مسرعة في طريقها وكانت ترتدي معطفها الاحمر ثانية وتحمل الصندوق بين ذراعيها وأشارت لسيارة أجرة بالتوقف » ايها السائق » نادت » هل تعرف محل لبيع الاغراض الثمينة قريب من هنا ؟ » نظر الرجل اليها من خلف مقوده وأجاب » الكثير منهم في هذه المنطقة » ــ
ــ » قف عند أول بائع من فضلك ؟ » ثم ركبت السيارة وابتعدا … وفي الحال وقفت السيارة عند محل لبيع الاغراض الثمينة .
ــ » انتظرني من فضلك » قالت السيدة بيكسبي للسائق لتدخل المحل التجاري ..
ــ » نعم ؟ » قال صاحب المحل من زاوية معتمة داخل المحل
ــ » أه ‘ مساء الخير » أجابت السيده ومن ثم بدأت تحل ربطة الصندوق » أليس غباء مني … لقد ضيعت حقيبة يدي وبما أنه يوم سبت فان جميع البنوك مغلقة حتى يوم الاثنيين وببساطة علّي أن أحوز على بعض من النقود خلال عطلة نهاية الاسبوع إنه معطف غالي الثمن لكني لا أطلب الكثير ‘ أريد أن أعيره ليومين مقابل مايكفيني لبداية الاسبوع . انتظر الرجل دون كلام ‘ لكن عندما سحبت الفراء من
الصندوق وسمحت لهذا الجميل الثمين التوّضع على طاولة الحساب ‘ اقترب لينظر
إليه والتقطه ليحمله أمامه متأملا .. ومن ثم تابعت » لو عندي ساعة أو خاتم لاعطيتك عوضا ‘ لكن ليس لديّ سوى هذا المعطف وباعدت أصابعها لتريه ما لديها … يبدو جديدا » قال الرجل مداعبا الفراء الناعم ..
» اه .. نعم لكن كما قلت لك .. أريد استدانة ما يكفيني من النقود حتى يوم الاثنين .. ما رأيك ؟ اود خمسين دولارا »
» سأقرضك خمسين دولارا » ــ » انه يستحق خمس مائة مرة أكثر من ذلك ‘ لكن أعلم انك ستعيره الكثير من الاهتمام لحين عودتي . » ذهب الرجل الى الدرج وأخرج بطاقة ليضعها على طاولة الحساب لها خط طولي مثقب في منتصفها يمكن تمزيقها الى قطعتين متماثلتين تماما ..
ــ » الاسم ؟ » سأل
ــ » دع ذلك ‘ والعنوان أيضا » شاهدت انتظار الرجل .. وكذا القلم ينتظر على الخط المنّقط . لا لزام عليك كتابة الاسم والعنوان أليس كذلك ؟ » هزّ الرجل رأسه وحرّك قلمه للخط الذي يليه ..
ــ » لا أحب ذلك ‘ انه أمر شخصي جدا »
ــ » إذا عليك أن تحتفظي بالبطاقة »
ــ » لن أضيّعها »
ــ » هل أنت على يقين بأن أي شخص يحمل هذه البطاقة يستطيع المطالبة بالمعطف ؟ »
ــ » نعم اني على يقين »
ــ » هل تودي كتابة تفاصيل أخرى ؟ »
ــ » لا لزام للمواصفات شكرا . ليس من الضروري , ضع المبلغ الذي طلبته فقط . » توقف القلم ثانية منتظرا على الخط المنّقط بجانب كلمة (مواصفات ).
« أعتقد أنه عليك وضع المواصفات ‘ فهي تساعد دائما في حال رغبت بيع البطاقة ‘ ألا تعلمين ذلك ؟ أحيانا تحتاجين لبيعها . «
ــ » لآ أود بيعها »
ــ » نضطر لفعل ذلك أحيانا كغالبية الناس »
ــ » انظر » أضافت السيده بيكسبي » لست فقيرة ان كنت تعني ذلك بكلامك ‘ الامر ببساطة أني أضعت حقيبتي ‘ هل فهمت ؟ «
ــ » انه معطفك » قال الرجل وهنا طرقت ذهن السيده بيكسبي فكرة غير محببة » قل لي … ان لم أضع المواصفات على البطاقة كيف لي التأكد بأنك ستعيد لي المعطف ولن يكن شيء اخر عند عودتي الى المحل « .
ــ »يحصل ذلك في كتاب القصص »
ــ » كل ما أقتنيه الآن رقم فقط ومن المتوقع فعليّا أن تسلمني أي معطف قديم تريد أليس كذلك ؟ »
ــ » أتريدين وضع المواصفات أم لا ؟ » سأل الرجل
ــ » لا إني أثق فيك » أجابت
كتب الرجل خمسون دولارا مقابل كلمة (قيمة) على القسيمتين من البطاقة ومن ثم قطعها ابتداء من الخط المنصّف وأعطى قسيمة للسيده بيكسبي وعدّ لها عشرة أوراق ماليّه من فئة الخمسه والفائده على المبلغ ثلاث سنتا شهريا » قال الرجل
ــ » حسنا شكرا ‘ ستهتم به أليس كذلك ؟ » لم يجب الرجل .. واستدارت السيده لتخرج من من المحل حيث تنتظرها سيارة الاجرة وخلال عشرة دقائق كانت في البيت .
ــ » عزيزي » قالت وهي تنحني لتقبل زوجها » هل اشتقت لي ؟ »
وضع السيد بيكسبي الجريده اليوميه المسائية ونظر الى الساعة في معصمه . »
ــ » أنها الساعة السادسه واثنى وعشرون دقيقه » قال » تأخرت قليلا أليس كذلك ؟ » أعلم وذلك بسبب تلكم القطارات .. أن عمتي مود ترسل حبها كالمعتاد اني بحاجة الى بعض الشراب وأنت ؟ » طوى زوجها جريدته برتابه وذهب الى البار ( خزانة المشروبات ) وبينما بقيت زوجته في منتصف الغرفة ترقبه باهتمام وقد فاض انتظارها… ظهره اليها ومنحنيا ليعيّر الشراب في الكأس ووجهه قريب من الحد المطلوب ينظر فيه وكأنه فم الصابر ــ » انظري ما اشتريت للعيّار » قالها وهو يناولها الكأس المملوء .
ــ » استطيع إيصالها لآخر قطرة مع هذا المقياس « .
ــ » يا عزيزي .. فكرة ذكية . »
قالت لنفسها من واجبي محاولة تغيّر زيّه في اللباس …بذاته كلها حمقاء قد كانوا في تلكم الايام رائعين هذه البدلات القديمة الزيّ والسراويل الضيقّه في عصرنا تبدو كلها حمقاء .. عليه ان يكون من وجوه مجتمع مغاير ليرتدي زيّ كهذا ‘ وببساطة سيرل ليس لديه هذا الاهتمام . والواقع انه يستقبل في مكتبه مرضى سيدات وهو مرتديا معطفه الابيض مفكوك الازرار ولهذا يسهل عليهم رؤية ما تحته تقريبا وعليكم التفسير وبطريقة او بأخرى كان واضحا ما تعنيه طريقته في اللباس . لكن السيده بيكسبي تعلم جيدا أنه لا يعني ذلك .
ــ » شكرا ياعزيزي » قالتها وهي تأخذ كأس الشراب من يده وتأخذ مكانا في الصالون واضعه حقيبه يدها على ركبتها ..ــ » كيف أمضيت الليلة الماضية ؟ »
ــ » بقيت في مكتبي ‘ وأنجزت بعض الاعمال ‘ ومنها حساباتي حتى هذا التاريخ. »
ــ » ان الاوان ياسيرل أن تدع مثل هذه الاعمال لغيرك ان لديك الكثير من العمل يفوق هذا . »
ــ » أفضل أن أعمل كل شيء وبنفسي . »
ــ » أعلم ذلك ياعزيزي وهذا رائع ‘ لكن لا أريد أن ترهق نفسك . لم تلك الامرأه بلتيني لا تقوم باجراء الحسابات ؟ أليس جزءا من عملها ؟
ــ » انها تعمل ذلك ‘ لكن عليّ ان أضع الاسعار لانها لا تفرق بين الزبون الغني وذلك الفقير . »
ــ » انه شراب كامل المواصفات » قالت السيده بيكسبي وهي تضع كأسها على طاولة بجانبها » كامل المواصفات بكل ما في الكلمة من معنىَ » قالت السيده بيكسبي وفتحت حقيبة يدها وكأنها تبحث عن شيء » اه انظر » قالت بصوت مرتفع عند رؤويتها للبطاقة » نسيت أن أريك هذه ‘ وجدتها للتو على مقعد السيارة (مرقمّة) احتفظت بها ‘ وأخذت الكثير من اهتمامي . » ثم سلمت هذه القطعة الصغيرة من الورق الاسمر لزوجها ‘ أخذها بين أصابعه وبدأ يتفحصها بتمعن وكأنهامسأله من عمله « .
ــ » هل تعرفين ما هذه ؟ »قال بهدوء
ــ » لا ياعزيزي لا أعلم . »
ــ » انها بطاقة ائتمان . »
ــ » ماذا ؟!بطاقة من محل لشراء الاغراض الثمينه ‘ وهنا اسم وعنوان المحل . »
ــ » ياعزيزي خيبت املي ‘ تمنيت لو تكون بطاقة للمشاركة في رهان سباق الخيل أو شيء من هذا القبيل . »
ــ » لا .. ولم الخيبة » قال سيرل بيكسبي .. » في الحقيقة يمكن أن يكون الامر أكثر اقناعا. »
ــ لم هذا الافتراض ياحبي ؟ » وبدأ يشرح وبالتفصيل كيفية العمل في حال اقتناء بطاقة من محلات بيع الاغراض الثمينة ‘ وأيَّ منا بامكانه المطالبة بذلك الغرض . أنصتت اليه بروّية حتى أنهى كلامه ..
ــ » هل تعتقد انها تستحق المطالبة؟ » سألته
ــ » أعتقد أنه يستحق البحث عنه ــ هل ترين القيمه خمسون دولار المدوّن هنا ؟ هل تعرفين ما تفسير ذلك ؟ »
ــ » لا ياعزيزي ما تفسير ذلك ؟ »
ــ » والتفسير .. ان الغرض الذي في الحسبان هو في غالبية الامر وبالتأكيد غالي الثمن . »
ــ » وتعني بذلك أنه يستحق خمسون دولارا ؟ »
ــ » وأكثر من خمسمائه . »
ــ » خمس مائه !! »
ــ » لم تفهم بعد . . » قال » أن محل شراء الاغراض الثمينه لا يعطيك أكثر من عشرة بالمائه من قيمته . »
ــ » ياللسماء ! لم يخطر لي ذلك . »
ــ كثير من الامور لا تعرفينها ياعزيزتي ‘ والان اصغي اليّ : بما أنه لا يوجد عنوان واسم صاحب الغرض … »
ــ » لكن بالتأكيد يوجد الدليل لمعرفة صاحب الغرض . »
ــ » لا تعبئي لذلك ‘ غالبا ما يفعل الناس كذلك ‘ يذهبون الى محل لبيع الاغراض الثمينه ولا يودون أحد المعرفه ‘ يخجلون من هذا الامر . »
ــ » ونهاية الامر هل تعتقد أننا نستطيع الاحتفاظ بالبطاقة . »
ــ « طبعا نستطيع الاحتفاظ بها .. انها الان بطاقتنا . »
ــ » تعني بطاقتي » قالت السيده بيكسبي بشدة » وجدتها! »
ــ » يا عزيزي ‘ ما المسألة ؟ المهم في الامر انه بامكاننا الذهاب والمطالبة بالغرض مقابل خمسون دولارا فقط ‘ ما رأيك ؟. »
ــ » أه ــ شيء مضحك ! » ارتفع صوتها » اعتقد ان الامر مبهجا َ وخاصة عندما لا نعلم ما هو الشيء ‘ ممكن أن يكون أي شيء .. أليس هذا صحيحا َ‘ سيرل ؟ أي شيء على الاطلاق ! »
ــ » بالتأكيد ممكن ‘ على الغم من احتمالية كونه أما خاتم أو ساعة . »
ــ » لكن ! كم سيكون الامر رائعا فيما لو كان شيئا قيّما َ حقاَ! »
ــ » لا يمكننا معرفته الآن وما علينا الاّ الانتظار والترقب. «
ــ » اعتقد أنه غرض رائع ‘ أعطني البطاقة … سأذهب صباح يوم الاثنين باكرا لآجده ! »
ــ » أظن من الافضل عليّ فعل ذلك . »
ــ » اه ! لا » قالت بصوت مرتفع » دعني أفعل ذلك ! »
ــ » لا أعتقد ‘ ساخذه وأنا في طريقي الى العمل . »
ــ » لكنها بطاقتي .. دعني من فضلك يا سيرل ! لم ستستلّم الامر كله ؟ »
ــ » لا تعرفين هذه المحلات ياعزيزتي من الممكن أن تخدعي . »
ــ » لن أخدع‘ بكل نزاهة ‘ لن أخدع أعطني البطاقة من فضلك . »
ــ » أضافة على ذلك .. يجب أن يكون معك خمسون دولارا » قال ذلك مبتسما
ــ » عليك ان تدفعي خمسون دولارا عدّاَ قبل أن يعطوك الغرض . »
ــ » عندي ما يلزم على ما اعتقد . » قالت
ــ » أود لو أنك لا تتعاملي بها ‘ إن كان الامر لا يقلقك . »
ــ » لكن يا سيرل ! أنا وجدتها إنها ليّ ‘ مهما كانت قيمتها إنها لي ّ .. أليس هذا صحيحا ؟ »
ــ » طبعا لك .. لا من مسبب للانزعاج . »
ــ » لست منزعجة مهتمة … هذا كل ما في الامر .. »
ــ » أعتقد انه لم يخطر في بالك أن الغرض يمكن أن يكون خاص بجنس الذكور . ليس فقط النساء يذهبن الى محل بيع الاغراض الثمينة … تعلمين ذلك ! »
ــ » في هذه الحالة ‘ سأعطيك إياه هدية في عيد الميلاد » قالت السيده بيكسبي متكرّمة .
ــ » بكل سرور .. لكن في حال كان الغرض خاص بجنس المرأة ‘أريده لي ّ . اتفقنا ؟ »
ــ » لهذا صدىَ جميل .. لم لا تأت معي عندما سأحضره. »
كانت السيده بيكسبي ستجيب بالموافقة لكنها توقفت لبرهة ‘ لا تود أن يحيّها صاحب المحل بوجود زوجها على أنها الزبونه الوادعة .
ــ » لا .. » أجابت بتأن » لآ أعتقد ذلك.. هل تعلم سيكون الامر أكثر بهجة في حال بقيت وانتظرت في البيت ‘ اه … لكن امل ألا يكون غرضا لا يناسب كلانا ! »
ــ » يوجد احتمال هنا » أضاف قائلا » إن لم يكن يستحق الخمسون دولارا لن اخذه . »
ــ » لكنك قلت إنه يستحق لا يقل عن خمس مائة دولار . »
ــ » متأكد للغايه ‘ لا تقلقي . »
ــ » اه سيرل لا أطيق الانتظار ‘ أليس الامر مبهجا ؟ »
ــ قال » انه ممتعا » و واضعا البطاقة في جيبه » لا شك في ذلك . »
أخيرا .. انه يوم الاثنين وبعد تناول طعام الفطور وصلت السيده بيكسبي مع زوجها الى الباب لتلبسه معطفه .
ــ » لا تعمل لساعات طويلة اليوم ياعزيزي ‘ كن الساعة السادسه في البيت » أضافت قائلة
ــ » امل ذلك . »
ــ » هل سيكون لديك الوقت لتذهب الى محل لشراء الاغراض الثمينة . » سالته
ــ » يا إلهي ‘ نسيت الامر كله .. ساخذ سيارة وأذهب الآن إن المحل في طريقي للعمل . »
ــ لم تفقد البطاقة .. أفقدتها ؟ »
ــ » لآ امل ذلك » قال وهو يتلمسها في جيبه » لا … ها.. هي » .
ــ » هل لديك ما يكفي من النقود ؟ »
ــ » نعم »
ـــ يا عزيزي » قالت واقفه قريبة منه لتقيّم ربطة العنق والتي كانت مستقيمة .
ــ » أن حصل وكان غرضا جيدا وشيء تعتقد أنه يعجبني ‘ هل تتصل بيّ فورا حال وصولك الى المكتب .
ــ » إن أردت ذلك ‘ فليكن . » « »
ــ » هل تعلم .. أود أن يكون الغرض مناسبا لك ياسيرل ‘ أود كثيرا أن يكون لك . »
ــ » هذا من كرمك ياعزيزي والآن عليّ الاسراع . »
وبعد حوالي الساعة عندما رن جرس الهاتف ‘ كانت السيدة بيكسبي في الغرفة وركضت مسرعة لتاخذ السمّاعة حتى قبل نهاية الرّنة الاولى .
ــ » حصلت عليه » قال
ــ » حصلت .. اه .. سيرل ما هو ؟ هل شيء جيد ؟ »
ــ » جيد » أجاب « انه رائع ‘ انتظري لمّا تريه ستضعفين ! »
ــ » يا عزيزي قل لي ما هو ؟ بسرعة . »
ــ » محظوظة .. هكذا انت محظوظة . »
ــ « انه لي .. بالنتيجة »
ــ « طبعا لك بالرغم أني لم أدرك كيف يمكن دفع خمسون دولارا فقط لمحل شراء الاغراض الثمينة . »
ــ » إنه مجنون »
ــ « سيرل قل لي لا أستطيع التحمل. «
ــ » سيصيبك الجنون لدى رؤيته . »
ــ » ما هو ؟ »
ــ » احزري ما هو . » توقفت السيدة بيكسبي ‘ انتبهي !قالت لنفسها انتبهي جيدا الآن !
ــ » خاتم ماسي ؟ » قالت
ــ » خطأ. »
ــ » ما هو إذا ؟ »
ــ » سأساعدك ‘ انه لترتديه . »
ــ » شيئ لارتديه؟ .. تود أن تقول قبعة ؟ »
ــ » لا .. ليست قبعة . » قال ضاحكا .
ــ » سيرل .. لم لا تخبرني ؟ »
ــ » لاني أود أن أتركها مفاجأة ‘ سأحضره للبيت معي هذا المساء . »
ــ » لا .. لن تفعل ! » قالت بصوت مرتفع » سانزل حالا لاخذه . »
ــ » أفضل أن لا تنزلي . »
ــ » لا تكن .. أحمق يا عزيزي . لم لا ات . »
ــ » إني مشغول للغاية .. تأخرت نصف ساعة عن عملي . »
ــ » إذا ساحضر ساعة تناول الغذاء ‘ حسنا ؟ »
ــ » ليس لديّ فرصة للغذاء .. اه حسنا ! اتي في الواحدة والنصف بينما اتناول شطيرتي .. وداعا َ. »
وصلت السيدة بيكسبي في الساعة الواحدة ةالنصف تماما الى مكان العمل .. عندما رنت الجرس فتح زوجها الباب بنفسه ‘ مرتديا معطف الطبيب الابيض .
ـ » اه سيرل اني سعيدة للغايه . »
ــ » لزاما عليك .. انك محظوظة هل تعلمين ذلك ؟ وقادها عبر الممر المؤدي الى الغرفة . »
ــ » اذهبي وتناولي طعام الغذاء.. يا انسه بلتيني . » قال للسكرتيرة .. والتي كانت مشغولة بترتيب أدوات العمل » تستطيعين انهاء كل ذلك حال عودتك . » ومن ثم انتظر حتى غادرت المكان . مشى الى الخزانه حيث اعتاد وضع ملابسه وقف أمامها مشيرا بإصبعه : » إنه هنا . » ثم قال : » والان أغمضي عينيك ! »
وهكذا فعلت السيده بيكسبي ما قيل لها ــ ثم أخذت نفسا عميقا وحبسته لفترة من الصمت استطاعت من خلاله سماعه يفتح باب الخزانة وكان صوتا ناعما عند سحبه لذلك الغرض من بين المجموعة المعلقة …
ــ » حسنا .. بامكانك فتح عينيك ! »
ــ » لا أجرؤ.. » قالت ضاحكة ..
» هلمي .. انظري ! » فتحت احدى عينيها قليلا لما يكفي أن ترى منظرا معتما مبهما لرجل يقف لابسا معطفه الابيض ويرفع شيئا في الهواء ..
ــ » فراء ؟ » ارتفع صوته » فراء حقيقي ! »
وحال سماعها للكلمة السحرية فتحت عينيها بسرعة وفي ذات الوقت تقدمت فعليّا لتمسك المعطف بين ذراعيها .. لكنه لم يكن معطفا كان مجرد فراء أحمق وفي يد زوجها علامة معلقّه كانت على ياقته العليا ــ » انظري ! » قال ملوحا بها أمام وجهها .. .. وضعت السيده بيكسبي يدها على فمها وبدأت تتراجع .. ساصرخ قالت لنفسها أعرفها سأصرخ!!
ــ » ما الامر ياعزيزتي ؟ألم تعجبك ؟ » ثم توقف عن التلويح ووقف ينظر اليها منتظرا منها تعليقا .
ــ » لم الايجاب . » قالت متمهلة » أعتقد بأنها .. ظريفة حقا جميلة
ــ » لقد أخذت بأنفاسك تماما .. أليس كذلك ؟ »
ــ » نعم نوعية جيدة للغاية » قال » لون مفضل أيضا » هل تعلمين كم سيكون سعره في المحل ؟من مائتين الى ثلاثة مائه دولار على اقل تقدير . »
ــ » لا أشك في ذلك . » يوجد جلدين اثنين ضيقان ويبدو أنهما متسخين ولا يزالان يحتفظان برؤوسهما وأقدامهما متدليّة أحدهما وصل الى النهاية والاخر ينتظرها قليلا .. ــ » جربييه هنا . » مال مقتربا وواضعا إياه حول عنقها وخطى مبتعدا ليظهر إعجابه .. ــ » تمام ! حقا يناسبك قلة هم من يقتنون الفراء ياعزيزتي .. »
ــ » لا .. لا يناسبني »
ــ » من المفضل أن تدعيه عندما تذهبين الى السوق ‘ وإلا سيعتقدوا بأننا أغنياء ويحملونا أضعافا .. »
ــ » سأحاول ‘ تذكر ذلك ياسيرل ! »
ــ » أخاف ألآ تتوقعي شيئا اخر ليوم الميلاد ! خمسون دولارا أكثر مما سأنفقه لهذه المناسبة . »
استدار مبتعدا ليذهب الى المغسلة وبدأ يغسل يديّه : » اذهبي واشتري لنفسك طعاما لا ئقا الآن ! ياعزيزتي .. سأحضرك بنفسي حال خروجك ‘ لكن لديّ رجل عزيز (غورمان) في غرفة الانتظار عنده مشكله في أسنانه الاصطناعيّه
تحركت السيده بيكسبي نحو الباب .. سأقتل محل شراء الاغراض الثمينه !! قالت لنفسها .. سأعود الى المحل هذه الدقيقة وسأرمي هذه التعليقه المعدنيه في وجهه وإذا ما رفض إعادة المعطف سأقتله !!
ــ هل أخبرتك بأني سأعود متأخرا الى البيت هذه الليلة . » قال سيرل بيكسبي وهو يغسل يديّه ومن المحتمل أن أكون في الثامنه والنصف على الاقل كما يبدو مجرى الامور وربما حتى التاسعة . »
ــ » نعم حسنا ! وداعا ! » وضربت الباب خلفها .. وفي هذه الاثناء جاءت السكرتير ه الآنسه بلتيني عبر الممر مرورا بها وفي طريقها للغذاء ..
ــ » ألم يك يوما سعيدا ؟ » قالت الانسه بلتيني بينما تمر بها وتنير وجهها ابتسامة.كانت تختال من الفخر والثقة وظهرت وكأنها الملكة تماما كملكة في فرائها الاسود الجميل والذي اعطاه يوما ما الكولونيل الى السيده بيكسبي .
للكاتب رولد اهل
ترجمت من الانكليزيه ( المعطف ) 9 . 10 2008
فاطمة الحسامي